مما لا شك فيه أنني مهما حاولت جاهدا أن احصر وان أحصي الإشكاليات التي تواجه المجتمع ثقافية كانت أم تربوية أم حضارية، لا بد أن اعترف بأني لا أوفي الموضوع حقه، أو قل نصفه أو قل اقل من ذلك بكثير.
لكني ومن خلال مقالتي هذه سأحاول أن ارسم معالم الطريق، وان أضع النقاط على الحروف وان آلامس من خلال هذه الكلمات شغاف القلوب، قلوب الغيارى والحيارى!
الغيارى على مجتمعهم ... والحيارى من الزمن الرديء والبائس الذي نحياه! لم أجد بدا أن استدرج نفسي حتى أركز موضوع النهج القويم في ثلاث نقاط ومحاور أساسية ورئيسية.
هذه المحاور مرتبطة ببعض اشد الترابط متلازمة اشد التلازم ومكملة لبعضها. ليس لمحور أفضلية على محور بعينه.
المحور الأول: محور البيت والمحيط الأسري والعائلي: ما يتضمنه من تربية قويمة، سليمة من أبويه، وعلى وجه الخصوص من المدرسة الأولى مصداقا لقول الشاعر: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق. فكما هو معروف أن الطفل منذ اليوم الأول لولادته إلى جانب رضاعته لحليب أمه يبدأ بالرضاعة والنهل من بحر السلوكيات ودماثتها. فيكون كمن ينهل الماء العذب المنساب الرقراق، أو على النقيض من الأمر كحال من ينهل من مستنقع آسن أطال الركود!
المحور الثاني: المدرسة بما فيها ومن فيها ! فالمدرسة بطاقمها إدارة ومعلمين، تعتبر نقطة أساسية وركيزة رئيسية في بناء جيل الغد وصناع الحياة. فإن فشلت المدرسة فشل الجيل بأكمله وضاع في عباب الزمان، وغاب، وتبخر واندثر.
المحور الثالث: دور العبادة والمساجد: بما تمثله من دور ريادي ومهم في التشجيع، وأحث على طلب العلم، والرقي والتحضر فلم يكن من العجب في شيء أن أول آية قرآنية تنزلت كانت اقرأ. والمسجد كان دوما ضد تيارات الجهل والتجهيل، بعيدا كل البعد عن الفئوية والحزبية الضيقة وعن الاستغلال الحزبي الرخيص. وأسفاه كما في عصرنا الحاضر، فنحن نعيش الزمن الرديء بكل تفاصيله؟
باعتقادي أن هذه المحاور الثلاث ذات أهمية قصوى، ما لم ندرك معناها الحقيقي، حتما سيضيع الجيل تلو الجيل ولن تقوم لنا قائمة، وسنظل نتحسر على الماضي والبكاء على أطلال المجد التليد.
حينذاك لن يسعفنا شيء وسنظل نندب حظنا إلى أن يرث الأرض الله الأرض ومن عليها